top of page

صائد الملائكة الحلقة الاول

  • صورة الكاتب: Othmane El jadid
    Othmane El jadid
  • 27 يوليو
  • 4 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: 29 يوليو

"متفضل جنبي، انتي رايح ليه اساسا؟ "

رمقها بنظرات اعتلتها الحيرة، فكيف له ان يعيش في جنان حبها الدافئ بعد سنين من التيه في صحراء الوحدة. راقب رموشها و هي تفتح و تغلق ببطء و هي تحدق في عينيه الذابلتين و كأنها ترمق روحه بنظرات اعتلاها حب جام. ليومنا هذا يعيش في استغراب فكيف لملاك مثلها ان يحب شخصا مثله.  

ازاحت الغطاء من السرير لتنهض فاقترب منها و اشار لها بالبقاء فالجو اشتد برودا في هذا الفصل. ولكن العالم بين ذراعيها دائما ما كان كاملا، فكيف لا و هي كاملة الاوصاف.

" انا خوفك عليا اكثر حاجة شدتني فيك" (همس ) اضافت و هي مبتسمة. و كيف لا يخاف على ملاك بين الناس، و كيف لا و هي تزرع البسمة في قلوب المارة. فتمر من حي فتزدهر الدكاكين و تستهل الاسِرَة بين القادم و الذاهب. و تملك بين رموشها اغلى ممتلكاتي و الاقرب الى قلبي، تلك العيون التي ان لم اكن احدق بها فكن على يقين انني تائه في افكار بين تقبيلها و التحديق بها.

" بخاف عليكي اكثر من نفسي" (همس )  قال لها و هو يحضنها بين ذراعيه.

فإبتسمت و اظهرت على ابتسامة خطفت فؤاده، ففي تلك الابتسامة شيء لا يخون. فإن خان العالم، صدقت هي، و ان صدق العالم، صدقت اكثر. امتدت ابتسامتها و اقتربت له، فارتبكت افكاره و همست

" انت مكنتش معايا لما قتلوني ليه؟(همس ) "

فايقظه المنبه مجددا، و هو يتسبب عرقا ويصرخ

" انا مكنتش عارف اعمل ايه!!!"  (صراخ )

جلس على حافة السرير غير قادر على النهوض او العودة للسرير، فليس له مكان لا هنا ولا هناك. فلو عاد للحلم فسيرى وجهها مجددا، بقدر ما يحبه و يعشقه فستلومه مجددا و هو مكتفي بهذا القدر من العذاب.

استجمع قواه وقام ليستهل يومه بما فيه من ملل رغم كثرة الناس و الصخب. فهو يوم اخر للتعثر بين ندم الماضي و عذاب الحاضر و الخوف من المستقبل المظلم.

كان دماغه متعبا بالافكار الغير المنتهية والمنبه بصياحه المتعالي، لقد صار الآن تحت رحمة الوقت المتسارع.

لقد تأخر عن العمل مرة اخرى و ليست من شيمه ان يتأخر عن الشيء الوحيد الذي يلهيه عن آلام. حمل بين يديه حقيبته و ركب على امواج الريح و قداماه تسابق الزمن. كان يحب عمله بشغف ، فمنذ نعومة اظافره و هو يحب الحركة و يكره بشدة مواجهة أفكاره فلاطلما كانت سوداء حالكة.

" انت بتجري ليه يابني حصل ايه "  (خوف )

" انا اسف عتأخير جدا حضرتك" (تعبان من الجري )

" حصل خير يابني ، مفيش مشكلة انت زي ابني بالضبط و شغلك مفيهش ولا مشكلة يعني مش حعاتبك"  

" متشكر جدا يافندم، مش حيصل تاني"  (تعبان من الجري )

" اتفضل جوا، حسين محضر الشاي.

و علفكره انت لهجتك بتتحسن جدا، انت كده بقيت مصري " مزاح

ابتسم ابتسامة خفيفة و وجد العم حسين بانتظاره بابتسامته المعتادة و كؤوس الشاي التي تمتلك القدرة على تغيير مزاج اي شخص في العالم في غضون ثواني.

"المكتب وحشني جدا، و بكره لما ارجع و بيكون الكمبيوتر نسى كل حاجة عني ولازم ادخل البيانات :

الاسم : محمد 

النسب : عادل 

الازدياد : 20 يناير 1997 في المغرب

الوظيفة : محلل بيانات "

" هو مش حتخلصو الشغل انا و شركتي مش حنتعامل معاكو عادي يعني مش انتو لوحدكو في الدنيا" بعنف

رفع عينيه ليجدها محمرة الوجه وتصرخ بغيظ،

" لو متعرفوش تعملو شغلكوا انا حوريكوا ازاي تعلموه" بعنف

كانت فتاة في مقتبل العمر مرتدية بذلة كلاسيكية وانسدل حجابها بكثرة الصراخ ولكنها كانت منهمكة في غضبها لم تعره اهتماما. قمت من مكاني بسرعة لمحاولة فهم الموضوع لكنها كانت كالعاصفة لم تسمح لاحد بالكلام لتهدأتها وتطالب بمقابلة المدير حالا.

خرج الأستاذ صالح من مكتبه بغضب

" ايه الدوشة دي؟" بتوتر

تدخل العم حسين بسرعة وشرح له الموقف

" ممكن تهدي شوية يا أستاذة عشان المشاكل متتحلش كده, اتفضلي معايا من فضلك" بتوتر

" انا لسه مبتديتش أساسا بس مشكلة حنشوف" بتوتر

الأستاذ صالحا كان انسانا معروفا بفراسته, كان يعرف كيف يعامل مواقف صعبة جدا, و لهذا شركته رغم صغرها الا انها كانت تعرف بجودتها الخاصة. لم تمر الا دقائق حتى ناداني الأستاذ صالح الى مكتبه

" ده احسن الشغالين عندنا حيتكلف لك بالملف بتاعك و مش حيكون ولا مشكلة"

"اه ده انا شفتو قبل كده, انا اسفة علفكرة مسمعتش كلامك برا"

 "اه ولا يهمك البش مهندس قام بالواجب"

" ممكن تتفصل علمكتبوا و تشرحيلو اللي انت عيزاه و هو حيكمل معاك من هنا"

ملفها لم يكن معقد او صعب انما كانت هي صعبة المراس  و متقلبة المزاج. لم تعط لأي أحد الفرصة ان يريها ما تفعل و لهذا لم يستطع أي محاسب او محلل بيانات ان يحل مشكلتها. كان الحل واضحا امامي...

" اهه كان اليوم طويل جدا و معرفش انتهى ازاي. أتمنى انك تكوني على خير. معرفش اقولك ايه اليوم بس وحشاني و وحشاني جدا علفكره, و لسه كل يوم بشوف حتت منك في يومي.

كل يوم بيمر على فراقك بحس انك لسه عايشة حتت فكل شخص بشوفو, و لسه بفتكر كل إحساس احنا عشناه. من اللهلفة و الشوق الى كل إحساس الم عشتوا بسببك و انتي عشتيه بسببي. لسه بطرح في نفسي كل يوم نفس السؤال... هو انا كان عندي نفس التاثير عليكي اللي كان تاثيرك عليا ولا انا كنت مجرد انسان عابر و قررتي تخليني أعيش وهم معرفتش ااخرج منوا.

هوا انا حياتي كانت مليانة ناس طبعا زيي زي كل واحد كان عندي مشاكلي و احلامي و طموحي بس خليتيني انساهم كلهم و افكر فيك انتي. اخدتيني زي العيل الصغير و جعلتي نفسك اهم حاجة فحياتي و كل ده ليه؟ انا عملتلك ايه ؟

بس انا عارف انا ريكورد ده عمروا ما هي هيتفتح بس انا حرسلو و هحكي كل حاجة جوايا انا مش فادر اكتم في نفسي الحكايات دي ولا حسكت عشان لو فضلت ساكت مش حتتغير ولا حاجة.

انا لسه بتمنى يا ريت الزمن اتوقف و لو للحظة لما عيني جات في عينك. اللحظة دي كانت كل حاجة انا كنت محتاجها عشان اعرف ان مفيش مشكلة في الدنيا ممكن تخليني انسى ابتسامتك اللي معرفش اخليها تمشي من بالي. الزمن ميوقفش و انا بتمنى اني عمري ما شفتك ولا عرفتك ولا عجزت انساك.

و لكن ده محصلش و انا حكلمك و احكيلك اللي حصل .. كيف خليتيني اتحول من طفل لشيطان و من شيطان لملاك تاني و في الأخير خليتيني بني ادم محبوس هنا بدور على الملاك اللي حينقذني من عذابي... خلي بالك من نفسك... ""

الشابتر بصوت منكسر و حزين

الحلقة بصوت مسموع : https://www.youtube.com/watch?v=AId5lGRLXy4&t=59s

تعليقات


bottom of page